الجامعة الحضارية: مفهومُها ووظائفُها ومتطلباتُها
Synopsis
نشأت الجامعات الحديثة في العالم الإسلاميّ في حالة قطيعة معرفيّة واجتماعيّة؛ قطيعة معرفيّة عن تراث الأمّة ومقومات حضارتها وثقافتها وهويتها، وقطيعة اجتماعيّة عن واقع الأمّة المعاصر وإشكالاته؛ إذ إنَّ هذه الجامعات اتخذت النموذج الغربيّ مثلاً أعلى لها، واندمجت فيما عرف بمشروع التحديث على النّمط الغربيّ، ومن ثمَّ تبنّت الخط المتغرِّب في سيرها ونشاطها المعرفيّ والتعليميّ في ضوء هذا النّهج. ومن ناحية أخرى توقف العطاء الحضاريّ للجامعات التاريخيّة في الأمّة، وأصيبت بالجمود والتقليد، ولم تمتدَّ إليها يد التطوير والاجتهاد.
يقدِّم هذا الكتاب فكرة مشروع "الجامعة الحضاريّة" لاستئناف مسيرة النشاط الفكريّ والمعرفيّ للأمّة، باعتبار أنَّ الجامعات -كما في التجربة التاريخيّة الإسلاميّة والتجربة الأوروبيّة المعاصرة- قامت بوظيفة حضاريّة بصورة بارزة. ويدعو الكتاب إلى بعث المشروع الحضاريّ الإسلاميّ وتأطيره في صورة مؤسَّسيَّة يحتاجها هذا النمط من العمل الحضاريّ.
وينطلق التصوُّرَ المقتَرحٍ حول "الجامعة الحضاريّة" من: السياقات الفكريّة والاجتماعيّة التي تحياها الأمّة، ومن واقعها المعرفيّ والثقافيّ وإشكالات جامعاتها المعاصرة بأنواعها، ومن تطلعات حركة الإصلاح المعرفيّ؛ إذ المدخل الرئيس لهذا التصوُّر هو إحياء فعل "الاجتهاد المعرفيّ" الذي توقفت الأمّة عن ممارسته في مؤسساتها العلميّة والتعليميّة. وهذا التصور هو الذي حدد وظائف هذه الجامعة كما هو مفصَّل في ثنايا هذا الكتاب.